لقد آلت على نفسها ألا تهزّها الرياح مهما قست
و تعهدت لنفسها أن تتلمّس السّكينة في التصبّر و التوطين
و أقسمت ألّا يتمكّن منها النسيان و إن تمكّنت منها الوحشة
و لكنها ظلت تحتفظ بركن أثقله الظل
و اختلطت فيه خيالات، أحلام يقظة، ذكريات، صور مهتزّة
هناك في تلك الزاوية المتهالكة تصطفّ الصور
في لوحة حائط مهووسة
تقف هي هناك كل ليلة
تتأمل في الصّمت المحترق سنوات في لقطات عن لحظات في سنوات
تسأل نفس السؤال، و تكتب الإجابات واحدة تلو الأخرى في المسودّة التي تجيب فيها عند كل إمتحان
تشطب و تكتب، و تحاول أن تتبين أيّ خطوط كانت من آثار سابقة
أيّها لا يصلح لهذا الإمتحان، أيّها كان خطأ و أيّها كان ضرورة
ثم لوهلة تنسى السؤال، و تتأمل في الصور
صور ذهبية، صور ترابية، صور سوداء و صور بالألوان
صور تتحرك معها و صور تتحدث لها
و صور تحركها، و صور تحدثها
صور يمتزج فيها الوفاء بالغباء
و صور تتوحش حتّى يغلبها السلام
يحضرها أن تبحث عن سر القدماء
لتحوّل ترابها إلى ذهب
فلابدّ أنّ هذا ممكن، طالما كان من الممكن أن يتحوّل ذهبها إلى هباء
و لكنّ السحر لم يفلح في أن يحيل التراب ذهباً
و الفيلم السلبيّ محترق بالكامل
و لم يتبق فيه إلا فراغات ضئيلة
تمعن النظر من جديد في الصور المعلقة
يتآكلها الحنين على ماض ضنين
يخيّل لها أن اللحظة حانت و أن الحائط يتكلم ليلبّي وعد الأمس السرّي
لكن اللحظة لا تأتي، و الحائط يتحدّاها أن تنطحه بيديها
بتضرّعها، بتحدّيها أنّ العالم يمكن أن يسير طوع بنان أمانيها
و هي تعرف، أنّ السؤال مفتوح لكل الإحتمالات
وأنّ تمزيق الصور لن يمحو آثار الذكريات
وأنّها ليست ذات القرنين لتهزّ العالم و تبني جسراً و تقهر أسواراً و حوائط
عليها في الوقت الرّاهن أن تتجلّد
تتلمّس السكينة حتّى في ظلال الوحشة
و تجيب السؤال بالتصبّر و التلهّي
و تبحث في المسودّة عن تلك القوّة السحرية
التي تصدّت بها للزّمان، منذ ذلك الزّمان
No comments:
Post a Comment