Wednesday, April 21, 2010

الصورة الثانية: البهجة و الوهم

توقّف فجأة عن الحديث مع ذلك الجمع من المهمّين، و نظر ليجدها هناك
امرأته، و لكنّه كاد ألّا يعرفها، كانت عيناها زجاجيّتين
منذ زمان ليس بالبعيد كانت عيناها تلتمعان بلهفة اللّقاء
و كانت إبتسامة بلهاء سعيدة ترتسم على محيّاها كلّما نظرت إليه
و لطالما رآها عبثاً تمسك تلك الابتسامة محاولة أن تلملم أطرافها المبعثرة على وجهها
كان يستغرب كيف أنّ إمرأةً يمكن أن تحبّه فوق ما يمكن أن يصدّق أن تحبّه إمرأة
و كان يحاول أن يجلدها بسياط غبائها و سذاجتها
أراها صور نساء أخريات، جميلات، ذكيّات، ممتلئات بالتّحدي و الحياة
كان يرى لحظة الإنكسار في عينيها
و كانت تحبه رغم القسوة
و أحبّها رغماً عن نفسه
رغم قسوته و نهمه للحياة و الأوقات القصيرة
و رغم رفضه لطول العمر
كانت حبيبته تراه سيّدها و مولاها
و كانت تلك النّظرات المتعبّدة تُبهجه قدر ما تُخيفه
كانت تُرضي فيه رغبة الطّفولة في أن يحبّه شخص ما بلا شروط
أن يحبّ شخص عيوبه، أن ينعم بها
لم يكن يملك إلا أن يغرقها في عيوبه المزعومة
و التي كانت لها بهجة و خمراً معتّقة لم تذق مثلها
و عندما رآها الآن
نظر إليها يبحث عن التعبّد الخجول
و لكنه وجد عينين زجاجيّتين
و رأى سكّينه في صميمها و قد تآكلته الذكريات
ألوان طيف داكنة نقشت اسمه على النّصل الحزين
كانت أوراق عمرها المهدور ترتجف في يديها
ولكنّ أنفها كان يرتفع في غطرسة الذّي سخر من الآلام و الأوهام
و هناك، تحت رأسها العزيز، رأى الغصّة، و سمع النداء
نداءاً لطالما سمعه يوماً بعد يوم في الأثير، في الهاتف، عبر وسائل الإعلام
و لم يعد يمكنه أن يتجاهله بعد الآن
عصف بقلبه الحنين الجارف إلى قلبها الدّافيء المحبّ
حنين أنكره على نفسه يوماً بعد يوم، و عمراً بعد عمر
و عندما التقت عيناهما
و خلف تلكما العينين الزجاجيّتين
رأى هنالك رماد اللّهفة القديمة و الشّوق الدّفين
و رأى الألم و الخوف
هل ستمرّ من أمامه كأن لم تعرفه؟
هل سيناديها؟
هل ستلمسه يداها أخيراً؟
انتهت اللقطة

No comments:

Template by:
Free Blog Templates