Tuesday, September 1, 2009

أوراق الخريف

أقبل الخريف
ما زال الجو خانقا
و مع ذلك فقد أقبل الخريف
و الخريف حدث لا ينسى بسهولة
الخريف مبعث الشجن و الفراق
وقت أسترجع فيه ذاكرة مستقلة و وقتا بعيدا
وقت العودة من الوطن البعيد للوطن القريب
دائما ما كان يوم العودة ذاك مميزا
لأن أول ما كان يرحب بنا هو أوراق الخريف
تكسو باحة بيتنا، صفراء، جافة
كحياتنا تلك الأيام
و لكن صوت تحطمها تحت أقدامنا و نحن نلملمها
كان دوما مبعث شوق غريب لبداية العام
و كان ايذانا بانتهاء الغربة و بدايتها معاً
دوما ما كان الجو وقتها مكسواً باللون الأصفر
و درجة الحرارة دوما كانت مثالية
ليست بخانقة و لا تبعث الرجفة في النفس
و كان الجو يعبق برائحة رصيف الأسفلت
الذي اشتاق للمطر كي يطفئ حرارته
في مثل هذه الأجواء كنا نعود
تاركين وراءنا مصراً لا نعرفها
ولكننا لا بد أن نحبها و ننتمي اليها
و مقبلين على بلد نحبها
نحب من نحن فيها
و لكنها لا تحبنا
و تتلهف لأن تبعدنا عندما يحين الوقت
و كنت لا أعرف حياة في هذا العالم الا بين أسوار مدرستي
و لذا كانت العودة جميلة
لأنها ايذان بأن أبدأ حياتي من جديد
و كنت أحتضن أوراق الخريف التي كست بيتنا
كما لو كانت مصنوعة من كل نفيس و غال
و كنت باحتضاني لها أجسد شوقي للمكان و الزمان
شوقي لهوية لا أدركها إلا هنا
كنت أضفي على هذه الأوراق أشعارا
آمالا في ما يحمله لي هذا العام
كنت أشعر أن تلك الأوراق هي هويتي
و لكني دوما كنت أودعها
كما ودعت معها هويتي للمرة الأخيرة عندما قررنا أن نذهب الى مصرنا أخيرا
أكان ذهابا أم كان عودة؟
لم أحسم هذا الأمر حتى الآن
و كنت أحيانا أرى في هذه الأوراق رمزا لأيام حياتي
تتساقط بلا رجعة، جافة من دون حب
هي دوما تتساقط
تتكوم على رصيف الماضي
حتى أعود فألملمها لألقي بها بعيدا
و قد أحتفظ ببعض منها بين ثنايا نوتتي
و لكن تبقى رائحة الأوراق الخريفية عابقة في عقلي
كما تبقى الذكريات

No comments:

Template by:
Free Blog Templates